يتردد على لسان الكثير من القادة والناشطين البيئيين تحذيرات بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري ومخاطرها المدمرة، فما هي تلك الظاهرة؟ وكيف بدأت وما السبب وراء ظهورها؟ وهل تحدث تغيرات وأضرار على البشر؟ وكيف يمكننا معالجتها؟ كل ذلك سوف نعرفه في هذا المقال، في السنوات الأخيرة ظهرت أصوات كثيرة تطالب بسرعة إيجاد حلول لمعالجة أزمة المناخ وانقاذ الكوكب من ظاهرة الإحتباس الحراري قبل حدوث كارثة بيئية قد تؤدي إلى الهلاك الحتمي للبشر، ولمعالجه تلك المشكلة لابد من معرفتها بشكل دقيق ومعرفة مراحل تطورها ثم البحث في أسبابها ومدى تأثيرها حتى نقف في النهاية على الحلول العملية لمعالجة تلك الظاهرة.
ما هو الإحتباس الحراري ؟
الإحتباس الحراري هو مصطلح بيئي يعبر عن ظاهرة زيادة متوسط درجات الحرارة لطبقة الهواء القريبة من سطح الأرض خلال القرنين الماضيين، لم يكن لهذه الظاهرة وجود قبل بداية القرن التاسع عشر، حيث كانت الحياة تسير بشكل طبيعى ولم تصل إلى مرحلة التطور العلمي والصناعي بعد، فكان النظام البيئي يسير بشكل معتدل، ولكن مع الوقت تم ملاحظة تغيرات بيئية حادة كارتفاع درجات حرارة الأرض مع حلول كوارث كالفيضانات واجتياح الجفاف لمناطق كثيرة على كوكب الأرض، لذلك بدأ المجتمع الدولي بالتحرك لمعرفة الأسباب وراء تلك المشاكل، ومن هنا بدأت الدراسات حول النشاطات التي أحدثها البشر والتي قد تسبب حدوث تلك المشاكل.
تاريخ ظاهرة الإحتباس الحراري
كانت بدايات القرن التاسع عشر أولى الفترات التي تم رصد التغير المناخي فيها بشكل ملحوظ فقد تمت عمليه ذوبان كبيرة للجليد في المناطق القطبيه وهذا على غير العادة ومنذ ذلك الوقت تم رصد درجة حرارة الأرض بشكل مستمر للوقوف على تداعيات تلك الظاهرة ومعرفة أسبابها، وفي عام 2021 تم إصدار تقرير خاص بالهيئة الدولية لتغير المناخ (AR6) أنه قد حدث ارتفاع في درجة حرارة الأرض بنحو 1.07 درجة مئوية منذ بداية الظاهرة وأن الارتفاع ما زال مستمراً ومن المتوقع زيادته في الأعوام القادمة وقد يصل إلى 1.5 مئوية.
وكان النصف الثاني من القرن العشرين هو أكثر الأوقات التي تم ملاحظة زيادة الإحترار بها.
أسباب ظهور الإحتباس الحراري
عرفنا أن ظاهرة الإحتباس الحراري هي ارتفاع متوسط درجات الحرارة لطبقة الهواء القريبة من سطح الأرض، ولكن ما سبب هذا الارتفاع ؟
كما بينا فإن هذه الظاهرة ارتبطت بشكل مباشر بالتطور الصناعي والبشري وما صاحبه من استهلاك الكميات كبيره من الوقود الحفري، ومن المعروف أن احتراق الوقود الحفري يسبب انطلاق كميات كبيرة من ثاني اكسيد الكربون لان المواد العضوية والتي تشمل الوقود الحفري تحترق فى وجود الأكسجين وتنتج بخار ماء وثانى أكسيد الكربون، وبتراكم هذا الغاز في الغلاف الجوي مع وجود كميات من غازات دفيئة أخرى أصبحت تشكل غطاء ملتف حول كوكب الأرض ما يجعل الحرارة تحتبس بداخله، هذا بالإضافة للقطع المستمر للغابات وتقليص نسبة المساحة الزراعية الموجودة، مما أدى إلى تراكم غاز ثاني اكسيد الكربون مع عدم وجود ما يُخلص الكوكب من هذا الغاز، حيث أن النباتات هي المستهلك الأول له على الكوكب، كما تشكل الغازات الدفيئة نسبة أساسية في الغلاف الجوي وهذه الغازات هي ثاني اكسيد الكربون والميثان وأكاسيد النيتروز وبخار الماء وبعض الغازات الأخرى، ولكن وجد أنه قد حدث خلل وزيادة فى تلك النسبة،وغاز ثاني أكسيد الكربون هو الأكثر تأثيراً وخطراً من بين تلك المجموعة، وقد لاحظ العلماء زيادة نسبة هذا الغاز في الغلاف الجوي بصورة كبيرة، فقد أشارت التقارير أن نسبة ثاني أكسيد الكربون قد تضاعفت في عام 2022 عن نسبته في منتصف القرن الثامن عشر وأيضا النسبة في زيادة مستمرة.
يمكنك الخوض في تفاصيل أسباب ظاهرة الإحتباس الحراري من هنا 👇🏼
ما هي التغيرات التي حدثت بسبب الإحتباس الحراري ؟
نجد أن هناك العديد من التغيرات البيئية قد حدثت نتيجة هذه الظاهرة فمن هذه التغيرات مثلا :-
- زيادة متوسط درجات الحرارة لطبقة الهواء القريبة من سطح الأرض ما يقارب 1.1 درجة مئوية عن درجات الحرارة قبل هذه الظاهرة، كما سُجلت درجات حرارة قياسية في بعض الأماكن على سطح الأرض.
- زياده الجفاف: أدى ارتفاع درجات الحرارة الكبيرة إلى حدوث ما يُعرف بالجفاف وهو فقر التربة بالرطوبة وزيادة معدل تبخر الماء منها مع ندرة المياه الجوفية، وهذه الظاهرة أصبحت في تزايد حيث أن العديد من المناطق التي كان يتم زراعتها أصبحت غير صالحة الآن.
- ذوبان الجليد: من الطبيعي مع زياده درجات الحرارة سوف تتاثر المناطق القطبية وبالفعل أدى ذلك إلى حدوث ذوبان وانفصال كتل جليدية ضخمة وانطلاقها في المحيطات والبحار.
- ارتفاع مستوى سطح البحر: من الظواهر الواضحة التي حدثت بسبب تغير المناخ ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات مع انحسار الشواطئ المطلة على تلك الاسطح المائية.
الأضرار الناتجة بسبب الاحتباس الحراري
بالطبع يؤثر أي تغير في المناخ بالسلب على البيئة وقد يسبب ظهور كوارث مدمرة للبشرية ومن أهم المشاكل التي يواجها العالم حاليا :
- احتراق الغابات المتزايد ويصاحب ذلك أضراراً كبيرة سواء مادية أو بشرية مع فقد عدد كبير من النباتات والحيوانات وذلك قد يتسبب في إنقراضها.
- تسجيل درجات حرارة قاسية على البشر في بعض الأماكن مع استهلاك كميات كبيرة من الطاقة للتخفيض من حرارة الطقس.
- أدى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى التهديد المباشر لسكان المدن الساحلية والجزر لغرق تلك المناطق وهو ما يعني نزوح سكان تلك المناطق إلى أماكن أخرى أكثر أمانا.
- الكوارث البيئية: من الملاحظ في العقود السابقة حدوث كوارث بيئية كثيرة وغير اعتيادية وذلك بسبب التغير المناخي، فنجد مثلا كثرة الأعاصير والعواصف وحدوث فيضانات غير متوقعة وهذه الكوارث مكلفة مادياً جداً ومميته.
- اللجوء البيئي: تتسبب كل تلك المشاكل السابقة إلى ما يُعرف باللجوء البيئي، وهو هجرة سكان المناطق المنكوبو إلى مناطق أخرى آمنه، وهذا قد يؤدي إلى حدوث مشاكل كبيرة قد يكون منها النزاعات الأهلية.
- نقص الغذاء والتنوع البيولوجي: يؤدي الجفاف ونقص المياه الجوفية إلى تدهور المنظومة الزراعية في بعض الأماكن كما تتسبب في نفوق العديد من الكائنات الحية وهو ما يهدد الأنواع بالانقراض.
للمزيد من التفاصيل في أضرار ظاهرة الإحتباس الحراري من هنا 👇🏼
أضرار ظاهرة الاحتباس الحراري على عالمنا
الحلول العملية لمشكلة الاحتباس الحراري
يصب الإهتمام العالمي على تقليل انبعاث الغازات الدفيئة وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون وذلك بعدة خطوات منها :-
- تقليل الإعتماد على الوقود الأحفوري والعمل على إيجاد بدائل طاقة نظيفة.
- تطبيق منظومات صناعية أكثر أماناً وأقل في الإنبعاثات الملوثة وتحقيق مبادئ الكيمياء الخضراء.
- معالجة الغازات والأبخرة الضارة التي تنتج من المصانع قبل طردها في الهواء الجوي.
- الحفاظ على الغابات والمساحات الخضراء بل والعمل على زيادتها حتى يتم حل المشكله بشكل أسرع.
تابع أيضاً مقال مُفصل عن الحلول العملية لمشكلة الاحتباس الحراري من هنا 👇🏼
الحلول المقترحة لمشكلة الإحتباس الحراري
وفى النهاية لابد أن نذكر قول الله تعالى ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) فالفساد الواضح من مشكلة الإحتباس الحرارى ما هو إلا نتيجة للتعدى البشرى ويضر البشر فى المقام الأول، ولا بد للرجوع وتعديل سلوكنا حتى تعود الأمور إلى طبيعتها.
إلى هنا ينتهى مقالنا فى الدليل الشامل عن الإحتباس الحرارى، ولكن مازال أمامنا الكثير لنعرفه تابعونا على مجتمع الواتساب .