تعرف على أشباه الموصلات | دليل مفصل

دليلك حول أشباه الموصلات

لا يكاد يخلو عالمنا من أشباه الموصلات فهي تنتشر في شتّى مجالات حياتنا. نستعرض أدناه مفهوم أشباه الموصلات وتركيبتها وأهمّ خصائصها الإلكترونية.

تعريف أشباه الموصلات

أشباه الموصلات عبارة عن فئة من المواد الصلبة البلورية كمادة وسيطة في التّوصيل الكهربائي بين الموصل والعازل. تُستخدم في صناعة مختلف أنواع الأجهزة الإلكترونية، بما يتضمّن: الثّنائيات والترانزستورات والدوائر المتكاملة، تتميّز بصغر حجمها وموثوقيتها وكفاءتها في استهلاك الطاقة وتكلفتها المنخفضة. كما تستخدم كمكوّنات منفصلة في أجهزة الطّاقة والحسّاسات البصرية، وبواعث الضوء كليزر الحالة الصلبة.

تتميّز بقدرتها على التّعامل مع التّيار والجهد، كما أنّها قابلة للتّكامل في دوائر إلكترونيّة دقيقة معقّدة ولكنّها قابلة للتّصنيع بسهولة.

تركيبة أشباه الموصلات

تصنّف المواد الصلبة عادة في ثلاث فئات: العوازل، وأشباه الموصلات، والموصلات. فعند درجات الحرارة المنخفضة، تصبح بعض الموصلات وأشباه الموصلات والعوازل موصلات فائقة.

تتميز العوازل كالكوارتز والزجاج المنصهر، بموصليات منخفضة جدًا، تتراوح بين 10−18 و 10−10 سيمنز لكل سنتيمتر.

في حين تكون الموصلات كالألومنيوم ذات موصليّة عالية، تتراوح بين 104 إلى 106 سيمنز لكل سنتيمتر.

على الجانب الآخر تتراوح موصلية أشباه الموصلات بين هذين الحدين وتكون حساسة بشكل عام لدرجة الحرارة والإضاءة والمجالات المغناطيسية والكميات الدقيقة من ذرات الشوائب.

فمثلاً يمكنك عند إضافة حوالي 10 ذرات من البورون المسمّى إشابة لكل مليون ذرة من السيليكون يزداد توصيله الكهربائي ألف.

يوضح الشكل الموصلية σ والمقاومات المقابلةρ = 1/σ  المرتبطة ببعض المواد المهمة في كل.

تركيبة أشباه الموصلات

أشباه الموصلات في الجدول الدوري

 

أشباه الموصلات في الجدول الدوري

بدأت دراسة أشباه الموصلات في أوائل القرن التاسع عشر، فهي تتكون من نوع واحد من الذرات. كالسيليكون (Si)، والجرمانيوم (Ge)، والقصدير (Sn) في العمود الرابع والسيلينيوم (Se) والتيلوريوم   (Te) في العمود السادس من الجدول الدوري.

يوجد عدة أنواع من أشباه الموصلات المركبة، بعضها تتكون من عنصرين أو أكثر مثل: زرنيخيد الغاليوم GaAs))، المركب ثنائي III-V، فهو مزيج من الغاليوم (Ga) من العمود III والزرنيخ (As) من العمود .V كما يمكن تشكيل المركبات الثلاثية بواسطة عناصر من ثلاثة أعمدة مثل: تلوريد الزئبق الإنديوم (HgIn2Te4)، فهو مركب II-III-VI. كما يمكن تشكيلها بواسطة عناصر من عمودين مختلفين مثل زرنيخيد الغاليوم الألومنيوم (AlxGa1 – xAs)، فهو مركب ثلاثي III-V، إذ يكون كل من Al وGa من العمود III ويرتبط الحرف x بتركيبة العنصرين من 100 بالمائة Al (x = 1) إلى 100 بالمائة Ga (x = 0) .

يعتبر السيليكون النَّقي هو المادة الأهمّ لتطبيقات الدوائر المتكاملة، في حين تشكّل المركبات الثنائية والثلاثية III-V هي الأهمّ لانبعاث الضوء.

مراحل ظهور أشباه المواصلات

قبل اختراع الترانزستور ثنائي القطب عام 1947 استخدمت أشباه الموصلات كأجهزة ذات طرفين فقط، كالمقومات والثنائيات الضوئية.

لكن في أوائل خمسينيات القرن العشرين، شكّل الجرمانيوم مادة أشباه الموصلات الرئيسية، لكن ثبت أنه غير مناسب لعدة تطبيقات، لأنّ الأجهزة المصنوعة منه أظهرت تيارات تسرّب عالية عند درجات حرارة مرتفعة بشكل معتدل فقط.

لكن منذ أوائل ستينيات القرن العشرين، أصبح السيليكون أكثر أشباه الموصلات استخدامًا على نطاق واسع، فقد حلّ محل الجرمانيوم كمادة لتصنيع الأجهزة يعود ذلك لعدّة أسباب تتجلّى: تعرض أجهزة السيليكون تيارات تسرب أقل بكثير، كما أنَّ ثاني أكسيد السيليكون SiO2 عازل عالي الجودة، يسهل دمجه كجزء من جهاز قائم على السيليكون.

ممّا جعل تقنية السّيليكون متقدمة جدّاً ومنتشرة بكثرة، فأصبحت تشكّل أكثر من 95 بالمائة من منتجات أشباه الموصلات حول العالم.

كما تتمتع عدّة أشباه الموصلات المركبة ببعض الخصائص الكهربائية والضوئية التي تتفوق على نظيراتها في السيليكون. إذ يستخدم هذا النوع خاصة زرنيخيد الغاليوم في تطبيقات الإلكترونيات الضوئية بشكل أساسي وبعض تطبيقات الترددات الراديوية RF.

أنواع الكابلات الكهربائية

الخصائص الإلكترونية

تتجلّى الخصائص الإلكترونيّة لمواد أشباه الموصلات بسلوكها وروابطها مع الذرات الأخرى:

روابط أشباه الموصلات

تعدّ مواد أشباه الموصلات بلورات مفردة، إذ تكون الذَّرات مرتبّة بطريقة دورية ثلاثية الأبعاد.

يبيّن الجزء أ من الشكل تمثيلًا مبسطًا ثنائي الأبعاد لبلورة السيليكون الجوهرية (النقية) التي تحتوي على نسبة قليلة من الشوائب. حيث تكون كل ذرة سيليكون في البلورة محاطة بأربع ذرّات من أقرب جيرانها. كما تمتلك كل ذرة أربعة إلكترونات في مدارها الخارجي فتتقاسم الإلكترونات مع جيرانه الأربعة، ليشكل كل زوج إلكترون مشترك رابطة تساهمية. ترتبط الذرتيّن مع بعضهما من خلال قوة الجذب بين الإلكترونات والنواة.

أمّا بالنسبة للذرات المعزولة كما هو الحال في الغاز بدل البلورة قد يكون للإلكترونات مستويات طاقة منفصلة فقط. لكن، عندما يتم جمع عدد كبير من الذرات معًا لتكوين بلورة، يسبّب التفاعل بين الذّرات انتشار مستويات الطاقة المنفصلة إلى نطاقات طاقة.

لكن عندما لا يكون هناك اهتزاز حراري عند درجة حرارة منخفضة تملأ الإلكترونات الموجودة في العازل أو بلورة أشباه الموصلات عدد من نطاقات الطاقة بالكامل، تاركة بقية نطاقات الطاقة فارغة. يطلق على النّطاق الأعلى المملوء مسمّى نطاق التّكافؤ يليه نطاق التّوصيل، يفصلهما فجوة طاقة أو فجوة النطاق، هي منطقة تحدّد الطاقات التي لا تستطيع الإلكترونات الموجودة في البلورة امتلاكها.  عادة تكون فجوات الطاقة أكبر بكثير في العوازل البلورية مقارنة بأشباه الموصلات.

تحتوي غالبية أشباه الموصلات فجوات نطاقية تتراوح بين 0.25 إلى 2.5 إلكترون فولت، فعلى سبيل المثال تبلغ فجوة نطاق السيليكون 1.12 فولت، وزرنيخيد الغاليوم 1.42 فولت، في حين تبلغ فجوة نطاق الماس 5.5 فولت.

الروابط في أشباه الموصلات

ثقب الإلكترون: الحركة

الناقلية في أشباه الموصلات

ترتبط الإلكترونات في أشباه الموصلات بنطاقاتها الخاصة في البلورة عند درجات الحرارة المنخفضة،  لذا تكون غير متوفرة للتوصيل الكهربائي. لكن عند درجات الحرارة المرتفعة، قد يحصل كسر بعض الروابط التساهمية نتيجة الاهتزاز الحراري لإنتاج إلكترونات حرّة يمكنها المشاركة في توصيل التيار.

فعند تحرّك الإلكترون بعيدًا عن الرابطة التساهمية، يوجد إلكترون شاغر مرتبط بتلك الرابطة، فقد يملأ هذا الشاغر بإلكترون مجاور، فينتقل موقع الشاغر من موقع بلوري لآخر. يعتبر هذا الفراغ بمثابة جسيم وهمي، يسمى “الثقب”، وهو ذو شحنة موجبة يتحرك في اتجاه معاكس لاتجاه الإلكترون.

لكن عندما يتم تطبيق مجال كهربائي على شبه الموصل، تتحرك كل الإلكترونات الحرة في نطاق التوصيل والثقوب في نطاق التكافؤ عبر البلورة فينتج تيارًا كهربائيًا.

الموصلية الكهربائية في أشباه الموصلات

بالتّالي تعتمد الموصلية الكهربائية للمادة على عدد حاملات الشحنة بما فيها: الإلكترونات الحرة والثقوب لكل وحدة حجم وعلى معدل تحرك هذه الحاملات تحت تأثير المجال الكهربائي.

حيث تحتوي أشباه الموصلات الجوهرية على عدد متساوٍ من الإلكترونات الحرة والثقوب.

لكن تمتلك الإلكترونات والثقوب حركات مختلفة، فهي تتحرّك بسرعات مختلفة في مجال كهربائي. ففي السيليكون الجوهري، تبلغ حركة الإلكترون 1500 سنتيمتر مربع لكل فولت في الثَّانية في درجة حرارة الغرفة أي يتحرك الإلكترون بسرعة 1500 سنتيمتر في الثانية. لكنّه تحت مجال كهربائي قدره فولت واحد لكل سنتيمتر. بينما تبلغ حركة الثقب 500 سم2/فولت في الثانية.

عموماً تقلّ حركة الإلكترونات والثقوب في شبه موصل معين مع زيادة درجة الحرارة. حيث يكون التوصيل الكهربائي في أشباه الموصلات الجوهرية ضعيف جدًا في درجة حرارة الغرفة، فلو أردت إنتاج توصيل أعلى عليك إدخال الشوائب عمدًا تسمّى المنشطات.

فلو استبدلت ذرة السيليكون بذرة ذات خمسة إلكترونات خارجية، كالزرنيخ تشكّل أربعة من الإلكترونات روابط تساهمية مع ذرات السيليكون الأربع المجاورة. فيصبح الإلكترون الخامس إلكترون توصيل يتم التبرع به لنطاق التوصيل.

كما يصبح السيليكون شبه موصل من النوع n بسبب إضافة الإلكترون، حيث أن ذرة الزرنيخ هي الجهة المانحة.

على الجانب الآخر، إذا استبدلت ذرة تحتوي على ثلاثة إلكترونات خارجية، كالبورون بذرة سيليكون، تقبل إلكترون إضافي لتكوين أربع روابط تساهمية حول ذرة البورون. يتكوّن ثقب موجب الشحنة تم إنشاؤها في الفرقة التكافؤ فينشأ شبه موصل من النوع p إذ تكون البورون مادة متقبّلة.

تعرف على الفرق بين محركات البنزين والديزل

خصائص تقاطع p-n

 

 

تقاطع P-N في أشباه الموصلات

يتشكل تقاطع P-N عند حدوث تغيير مفاجئ في نوع الشوائب من المستقبلات، فمثلاً يتشكل تقاطع p-n عندما ينتقل النوع p  إلى الجهات المانحة النوع n داخل بنية بلورية واحدة. إذ تشكل الثقوب الحاملات المهيمنة على الجانب p فتسمّى حاملات الأغلبية، كما يوجد عدد قليل من الإلكترونات المولدة حرارياً تسمّى ناقلات الأقلية. في حين تكون الإلكترونات هي حاملات الأغلبية على الجانب n، والفجوات هي حاملات الأقلية. كما يوجد منطقة قرب التقاطع لا تحوي ناقلات شحن مجانية تسمى وضع النضوب تصرف كعازل.

تتميّز تقاطعات p-n أنّها تصحّح أي جهد موجب مطبّق على الجانب p بالنسبة إلى الجانب n عند تطبيق انحياز أمامي على الوصلةp-n . إذ تتحرّك حاملات شحنة الأغلبية عبر الوصلة بحيث يتدفّق تيّار كبير.

لكن عند تطبيق انحياز عكسي، تتحرك حاملات الشحنة التي تقدمها الشوائب في اتجاهين متعاكسين بعيدًا عن الوصلة، ويتدفّق تيّار تسرب صغير. لكن مع زيادة الانحياز العكسي، يبقى تيّار التسرب صغيرًا جدًا حتّى يصل إلى جهد حرج، يزداد عند هذه النقطة التيار فجأة. تسمّى هذه الزيادة المفاجئة باسم انهيار الوصلة، تكون ظاهرة غير مدمرة عندما يكون تبديد الطاقة الناتج يقتصر على قيمة آمنة. يكون الجهد الأمامي المطبق أقل من فولت واحد، لكن يختلف جهد الحرج العكسي المسمى جهد الانهيار، من أقل من فولت واحد إلى عدة آلاف من الفولتات حسب تركيز الشوائب في الوصلة وغيرها من معلمات الجهاز.

رغم اختراع وصلات أخرى بما يتضمّن: p-n-p وn-p-n، لكن تبقى وصلات p-n هي الأساس في أجهزة أشباه الموصلات.

 

في الختام، الجدير بالذّكر أنَّ أشباه الموصلات ستكون في المستقبل العناصر الأساسية لمعظم الأنظمة الإلكترونية، التَّي تخدم تطبيقات الاتصالات ومعالجة الإشارات والحوسبة والتَّحكم في كلّ من الأسواق الاستهلاكية والصناعية.

إعداد وتحرير: م بثينة عياش

تابعونا على الفسيبوك .

بواسطة
م. بثينة عياش
Exit mobile version