تاريخ الجدول الدوري وتطوره وسبب نشأته
الجدول الدوري أحد أهم اهتمامات العلماء عبر الفترات الماضية، وأداة معرفية أخذت تتغير وتتعدل من وقت لآخر لتصف التركيب الدقيق للذرات، وأحد أهم الوسائل التى تساعد على توقع خصائص وتفاعلات العناصر، فى هذا المقال سوف نتعرف على تاريخ الجدول الدورى ومراحل تغيره مع الزمن.
لماذا أنشأ العلماء الجدول الدورى ؟
فى بدايات القرن الثامن عشر وبعد أن كثُرت العناصر الكيميائية المكتشفة وأصبح من الضروى وضع تلك العناصر فى جدول ينظمهم ويقسمهم حسب الخصائص الفيزيائية والكيميائية والتركيب الذرى، ويضع العناصر المتشابهة مع بعضها البعض حتى يتمكن العلماء من فهم التركيب الدقيق للعناصر ومعرفة أوجه الشبه لهم وبالتالى معرفة الخصائص بسهولة وكذلك توقع التفاعلات التى قد تحدث بين العناصر وكذلك الترابط الذى يتم بين الذرات فى المركبات الكيميائية، كما ان ترتيب العناصر فى جدول منظم يجعل من السهل إضافى أى عنصر جديد مُكتشف فى ذلك الجدول طبقاً للخصائص التى تظهر له، لذلك انصبت جهود كثير من العلماء فى وضع جدول دورى ينظم ويربط بين تلك العناصر
تعريف عنصر الليثيوم وأهميته وكيفية استخلاصه
لماذا تم تسميته بالجدول الدورى ؟
لو لاحظنا الجدول الدورى منذ نشأته نجد أنه يتكون من صفوف وأعمدة، ويطلق على الصفوف مصطلح الدورات، وعلى الأعمدة مصطلح المجموعات، ونجد أن عناصر كل مجموعة تتشابه مع بعضها فى الخصائص الفيزيائية والكيميائية، أما الدورات فنجد أن الجدول يكرر نفسه فى كل دوره، بمعنى أن العناصر عند كل دورة تتشابه فى التركيب الذرى والخصائص مع العنصر العلوى لها فى الدورة السابقة، بذلك يتكر التوزيع الذرى كل دورة مع اختلاف رقم المجموعة، وكذلك نجد مع كل دورة انضمام العنصر مع الفئة الشبيهة له، فمثلا فى المجموعة الثانية سنجد أن أول عنصر يقع فيها يتشابه فى التوزيع الذرى وكذلك الخصائص الفيزيائية والكيميائية للعنصرى الذى يقع أسفل منه فى الدورة التالية، وهكذا يصبح الأمر دورى لكل العناصر، لذلك سمى بالجدول الدورى.
تاريخ الجدول الدوري
كانت أول محاولة جادة لصياغة الجدول الدورى على يد العالم (لافوازييه) حيث قام بوضع جدول يصنف العناصر إلى فلزات ولا فلزات.
وبعدها بنحو أربعين عاماً لاحظ العالم (دوبرينير) أن بعض العناصر تتشابه فى خصائصها الكيميائية والفيزيائية، فقام العالم بصياغة جدول دورى ووضع فيه العناصر فى مجموعات أفقية مكونة من ثلاث عناصر تتشابه مع بعضها فى الخصائص وتترتب تصاعدياً حسب الزيادة فى العدد الذرى، حيث يكون العنصر الأوسط يمتلك خصائص تتوسط بين العنصرين الآخرين، وسميت تلك المجموعات بالثلاثيات.
وبعد عدة سنوات ومع التقدم والإكتشافات العديدة للعناصر تم تقديم قائمة كبيرة منقحة للعناصر وكتلتها الذرية فى المؤتمر الدولى الأول للكيمياء الذى أُقيم فى ألمانيا عام ١٨٦٠م، وتم الإتفاق فيه على تعيين الوزن الذرى للهيدروجين بمقدار ١ ثم مقارنة باقى عناصر الجدول الدورى به وترتيبهم حسب تلك المقارنة.
بعدها وضع العالم البريطانى (جون نيولاندز) قائمة بالعناصر وكان أول من رتبها حسب زيادة الكتلة الذرية، ووجد أن كل ثمانية عناصر تتشابه فى الخصائص فسمى هذه الظاهرة باسم “الأوكتافات” ، وضع العالم نيولاندز العناصر بشكل مُرتب ولكنه لم يترك أى فجوات للعناصر التى قد يتم إكتشافها فى المستقبل.
عنصر الهيليوم : تركيبه الذرى وخصائصه وأهميته واستخداماته
وفى عام ١٨٦٩م أنشأ العالم الروسى (مندليف) الهيكل البنائى للجدول الدورى الحديث، وترك فجوات للعناصر الغير مكتشفة ليتم وضعها فى مكانها الصحيح، وتنبأ ببعض خصائص العناصر الغير مكتشفة وأعطاها بعض المسميات الرمزية لحين إكتشافها فيما بعد، ولكن بقيت بعض الأمور غير المفسرة كموضع عنصرى اليود والتليلوريوم فى جدول مندليف.
وفى عام ١٩١٣م قام العالم الإنجليزى (هنرى موسلى) باستخدام الأشعة السينية لقياس الأطوال الموجية للعناصر وربط القياسات التى حصل عليها بالأعداد الذرية، ثم بعد ذلك قام بوضع الترتيب الصحيح للعناصر حسب الأعداد الذرية، وساعد هذا فى تفسير القصور الذى كان متواجداً فى الجداول السابقة التى تعتمد على الكتلة الذرية فى ترتيب العناصر.
وبذلك اكتمل بناء الجدول الدورى وأطلق عليه الجدول الدورى الحديث وهو المتعارف عليه الآن.
أهمية الجدول الدوري الحديث
الجدول الدورى الحديث يوضح لنا بشكل دقيق التركيب الذرى للعناصر وتوزيع الإلكترونات فى مستويات الطاقة الرئيسية والفرعية، وكذلك يسهل فى معرفة خصائص العنصر حسب مكان تواجده فيه، ويقسم الجدول العناصر إلى فئات حسب خصائصها ونشاطها الكيميائى.
فى النهاية لابد أن نعرف أن الجدول الدورى أداة أساسية فى يد كل كيميائى، ويجب دراسة هذا الجدول ومعرفة تركيبه بشكل دقيق حتى يتسنى لنا فهم العناصر وتوقع سلوكها الكيميائى والفيزيائى بشكل أسهل.
وإلى هنا ينتهى مقالنا عن تاريخ الجدول الدورى ولكن مقالاتنا فى الهندسة الكيميائية لم تنتهى بعد تابعونا على وسائل التواصل الإجتماعي .